افتتاح الجامعة الامريكية في السليمانية

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 16 سنة 28 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 18/08/2007

الجامعة الأميركية في السليمانية تفتح أبوابها هذا الخريف لبناء «قادة العراق الجدد»

نقلا عن جريدة الشرق الاوسط

السليمانية: بينما يبدأ اكاديميون عراقيون واميركيون بتدريس أول دفعة من الطلاب العراقيين في الجامعة الاميركية في العراق في مدينة السليمانية هذا الخريف، تطلق جرافات شركة «ينغين» التركية عملية حفر أساسات مبنى الجامعة الرئيسي. وقد شهدت مدينة السليمانية حركة غير مسبوقة هذا الصيف استعداداً لاستقبال العشرات من الطلاب في الجامعة التي تبدأ أولى دروسها يوم 17 اكتوبر (تشرين الاول) المقبل.
وشرح السكرتير التنفيذي للجامعة عزام علوش أن ادارة الجامعة تدرس طلبات من 45 طالبا للالتحاق بالجامعة. وأضاف: «قبلنا حتى الآن خمسة منهم فقط، إذ نتمسك بنظام شديد في اختيار الطلاب»، موضحاً: «نحن نهيئ الجيل القادم من قيادات رجال الاعمال والسياسيين، ولهذا سنكون صارمين في اختيار طلابنا». ويتوجه عشرات من الطلاب العراقيين الى أولى فصول الجامعة الاميركية في العراق هذا الخريف، ليصبحوا نواة كادر من الخريجين العراقيين الذين يحملون تأهيلات منفتحة ومواكبة للقرن الواحد والعشرين. ويأمل القائمون على الجامعة ان يكون مقرها في السليمانية يعج بالبحوث العلمية والحياة الدراسية النشطة بحلول 2021، حين من المرتقب ان تكتمل المراحل الثلاث المخططة لاكتمال الجامعة، على أن يدرس فيها ما يصل الى خمسة آلاف طالب.

وبينما بدأت شركة «ينغين» التركية قبل يومين العمل على اولى مباني للجامعة على الطريق السريع بين مدينتي السليمانية وكركوك، اجتمع سياسيون عراقيون وأكاديميون ورجال اعمال في منتجع دوكان بضيافة الرئيس العراقي جلال طالباني لدعم المشروع الذي يعتبر نائب رئيس الوزراء العراقي برهم صالح المحرك الاساسي وراءه. وبينما استمتع حوالى 30 من المدعوين بغداء شمل أكلات عراقية، عربية وكردية، منها اطباق من الاسماك من بحيرة دوكان وكفتة سليمانية الشهيرة، كان رئيس مجلس امناء الجامعة برهم صالح ينتقل من طاولة الى اخرى لتأمين تبرعات من كبار رجال الاعمال للجامعة. وقد نجح صالح بتأمين ما يقارب 10 ملايين دولار من اجتماع دوكان اول من أمس، ليصل رأس مال الجامعة الى 35 مليون دولار مع توقعات بالمزيد من الدعم المادي لها في الفترة المقبلة. وكشف صالح ايضاً عن تأمين دعم لـ30 منحة دراسية للطلاب المتفوقين، بقيمة 300 ألف دولار سنوياً. وأعلن الرئيس العراقي رسمياً عن تأسيس الجامعة الاميركية في العراق أول من أمس، لتصبح السليمانية المدينة السادسة التي تحتضن الجامعات الاميركية في المنطقة بعد كل من بيروت والقاهرة ودبي وعمان وتركيا. ويذكر ان الجامعة الاميركية في العراق، ومقرها السليمانية، مؤسسة مستقلة غير ربحية في مجال التعليم العالي. وبحسب بيان صادر عن الجامعة، فالقائمون عليها «ملتزمون بتحقيق المعرفة على أسس تعليم الآداب الحرة» كنموذج للتعليم العالي. اما الرسالة الأساسية لهذه الجامعة فتتمثل في تشجيع الفكر التحليلي وتكون الجامعة مختلطة ومفتوحة امام جميع الطلبة المؤهلين بغض النظر عن العرق والدين والحالة الاقتصادية او التوجه السياسي، وستكون اللغة الانجليزية لغة التعليم فيها. وشرح صالح لـ«الشرق الاوسط» حرصه على ان «يكون تمويل الجامعة مبنيا على التبرعات الخاصة والتواصل مع القطاع الخاص مهم لضمان استقلالية الجامعة كي لا تتعرض للضغوط السياسية من جهة أو اخرى». وأضاف: «نصمم المناهج ونختار التخصيصات التي ستدرس في الجامعة بناءً على احتياجات العراق واحتياجات بناء اقتصاده، مثل ادارة الاعمال وعلوم البترول». وتابع: «لاشك اننا سنواجه مشكلة فيما يتعلق بإمكانيات دفع النفقات وأجور الجامعة التي لا نريد لها ان تكون محصورة او مقتصرة على ابناء الطبقة الميسورة، لذلك سنعمل على توفير المنح الدراسية للطلبة المتفوقين الذين ستستوعبهم الجامعة بغض النظر عن إمكاناتهم المادية».

وأقر صالح بوجود تحديات أمام تأسيس الجامعة، موضحاً: «ستكون هذه التجربة ناجحة، لكنها ما زالت في بداية الطريق»، مضيفاً: «هذه الفكرة تبناها ودعمها بقوة الرئيس طالباني وأيدها الدكتور اياد علاوي عندما كان رئيسا للوزراء كما وآزرها عدد من الاكاديميين الذين يشجعون تطوير النظام التعليمي، ويدعمون المسيرة الديمقراطية في العراق، من امثال كنعان مكية وفؤاد عجمي وعبد الرحمن الراشد وجميل مروة وآخرين». وأضاف: «هدف الجامعة هو استيعاب الكفاءات العراقية بلا استثناء او تمييز بغية تطويرها وصقلها، وتحويلها الى نخبة تكون قادرة على بناء صرح عراق ديمقراطي متطور ومزدهر ومسالم». وتابع: «الهدف الأساس من هذه الجامعة هو الاستفادة من النموذج الاميركي المتقدم في التعليم وجعله في متناول غالبية العراقيين، واستيعاب القدرات العراقية الشابة وتنميتها لخدمة مشروع العراق الديمقراطي القائم على أساس التسامح بين كل أطياف الشعب العراقي».

وقال صالح ان المرحلة الاولى من تأسيس الجامعة، التي تستغرق بين 3 و 5 اعوام، ستكلف ما بين 124 و135 مليون دولار، موضحاً: «هذه هي الفترة الأصعب التي تستغرق أكبر جهد لبناء أساس صلب لها». وقد وضعت شركة «مكنزي» الاستشارية الدولية خطة من ثلاث مراحل لتأسيس الجامعة، من المرتقب ان تنتهي عام 2021.

وعبر رئيس الجامعة، الدكتور اوين كارغول، عن سعادته لبدء المشروع والدعم الذي تحظى به، قائلا: «الجميع هنا متحمس للمشروع ويقدم الدعم لنا». وأضاف في اتصال مع «الشرق الاوسط»: «انها المغامرة الاكبر للتعليم العالي في العالم اليوم، ولذلك هناك حماس خاص لانجاحها». ولفت الى وجود تحديات كثيرة «امام تأسيس أي جامعة، ولكن كون مقر هذه الجامعة في العراق هناك تحديات اكبر ولكن بدأنا نتغلب عليها». وستستوعب الجامعة عند اكتمال بنائها سنوياً 5 آلاف طالب وطالبة، ممن تزيد معدلات نجاحهم في المدارس الثانوية على 80 في المائة. اما التخصصات الرئيسية في الجامعة فهي ادارة الاعمال ودراسات التخطيط والعلوم في نظم الحاسوب الآلي وتكنولوجيا المعلومات، بالاضافة الى ماجستير ادارة الاعمال في الادارة الدولية وماجستير ادارة الاعمال في الادارة وتكنولوجيا المعلومات. وستقدم تخصصات فرعية في ادارة الاعمال والاقتصاد والمحاسبة والمالية والتجارة العالمية والإدارة وتكنولوجيا المعلومات. وهناك برنامج مقترح لاستحداث أقسام وكليات اضافية مثل هندسة البترول والمحاسبة والآداب الحرة وعلوم الحاسب الآلي والسلك الدبلوماسي وعلوم البيئة وهندسة الموارد المائية في مراحل متقدمة في الجامعة.

وأبدى الدكتور فؤاد عجمي، الاستاذ في جامعة «جونز هوبكنز» الاميركية وأحد أمناء الجامعة الاميركية في السليمانية، فأبدى تفاؤله بنجاح الجامعة، قائلا: «اقول دائما ان الولايات المتحدة الاميركية تصدر، أمرين الى جميع انحاء العالم كدلالة على مدى نجاحها، ألا وهما أفلام هوليوود والتعليم العالي، والآن اصبح منهاج التعليم العالي الاميركي، يغزو كل العالم، حيث صار يدرس في الصين والهند وغيرها، إدراكا من الدول بأن ذلك المنهج التعليمي هو الأفضل من نوعه في العالم». وفيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للجامعة الأميركية، بأنها مركز لنشر الافكار والسياسات الأميركية، قال عجمي: «هذا أمر طبيعي فهناك أناس مازالوا يتهمون الجامعة الاميركية في بيروت التي مضى على تأسيسها نحو 140 عاما، بأنها جزء من الهيمنة الحضارية والسياسية والعسكرية الاميركية على المنطقة، وهذه الاتهامات نابعة بطبيعة الحال من العقليات المؤمنة بفرضية المؤامرة دائما وفي كل شيء». وتابع: «وبإيجاز يمكن القول إن هذه الجامعة مشروع علمي لا علاقة له بالسياسة مطلقاً». وفيما يخص دور هذه الجامعة في تنشئة الجيل، رأى عجمي «ان المنطقة صارت بحاجة الى جيل جديد من الشباب الواعي المتعلم، لأن الجيل القديم الذي يتبنى الأفكار القومجية والقمعية والتزييف والازدواجية في الشخصية، قد أكل عليه الدهر وشرب». اما النائب في البرلمان العراقي حاجم الحسني، فقد رأى في التجربة «مسعى لبناء قيم عراقية جديدة بعيدة عن القيم التي ورثها الشعب العراقي من الانظمة الدكتاتورية التي حكمت البلاد في السابق، وهذه القيم الجديدة ستكون قائمة على الانفتاح على العالم». وأضاف: «وهذه الامور تأتي عادة من خلال المجتمعات الجامعية، بمعنى أن هناك عملية إعمار وبناء لنفسية الانسان العراقي، على أسس الانفتاح وقبول الرأي والرأي الآخر، وهذه الجامعة تصب في ذلك الاتجاه».