كرة القدم في عصر العولمة

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 11 سنة 48 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 28/04/2006

أكد خبير فرنسي في العلاقات الدولية على خصوصية الظاهرة الكروية في عالم اليوم معتبرا إياها " الأكثر شمولية" لأنها نسجت خيوطها على جميع مستويات وانتشرت داخل المجتمعات أكثر من شبكة الإنترنت.

وقال باسكال بونيفاس، مدير المعهد الفرنسي للأبحاث في العلاقات الإستراتجية، أن سياسة كرة القدم géopolitique du football تختلف إلى حد كبير عن واقع العلاقات الدولية ولا تعكس خريطتها، و يتجلى ذلك من خلال قدرة عشرة بلدان من مختلف القارات إحراز كأس العالم في حين تقتصر سيطرة العالم سياسيا على الولايات المتحدة الأمريكية دون غيرها.

ولاحظ الخبير الفرنسي في كتاب صدر هذا الأسبوع في باريس تحت عنوان "كرة القدم و العولمة" Football et mondialisation أن خصوصية المنافسة الكروية تكمن في كونها مفتوحة على كل الاحتمالات.

وذكر أن "لا أحد يعلم مسبقا من الذي سيفوز" خلال كأس العالم لأن الطموح ليس مرتبطا بحجم الدخل القومي أو عدد العسكريين، وقال أن كل المتنافسين سواسية عند خط الانطلاق، الأمر الذي يجعل من كرة القدم نشاطا "ديمقراطيا".

وأشار الباحث أن الناس يعايشون حمى الساحرة المستديرة في جميع أنحاء المعمورة في غالب الأحيان دون كرة وملعب، موضحا أن اللعبة الأولى "شيدت لنفسها إمبراطورية عبر انخراط الشعوب و حفاوتهم لتتصدر بذلك قائمة الظواهر ذات البعد العالمي، و مع ذلك يضيف الخبير لم تقلل شمولياتها من دورها كأداة في سبيل الهوية الوطنية.

"تلك هي مفارقة الظاهرة الكروية" يقول باسكال بونيفاس، إذ أنها "تشكل الظاهرة الاجتماعية الأكثر عولمة وتعزز في نفس الوقت إحساس الانتماء إلى مجموعة وطنية". وأضاف الكاتب قائلا : "قبل موعد ألمانيا، كل بلد احتفل بتأهله أو بكى لإقصائه، لكن ابتداء من 9 يونيو الكل سيجلس أمام الشاشة لمعايشة العرس الكروي تلذذ اللعب".

ويتزامن صدور الكتاب باسكال مع موعد إجراء نهائيات كأس العالم التي ستشد طيلة شهر أنظار أزيد من 30 مليار مشاهد عبر العالم، و قد سبق لكاتبه إصدار عنوان أول بمناسبة مونديال 1998 تحت عنوان "الأرض مستديرة مثل الكرة".

ويعتبر باسكال بونيفاس المعروف برؤيته الموضوعية لنزاع الشرق الأوسط من الخبراء القلائل الذين يحللون الظاهرة الكروية من زاوية سياسية و دبلوماسية، فقد نظم العديد من الملتقيات و الندوات حول العلاقة بين الرياضة الأكثر الشعبية و السياسة.

ويقول باسكال بونيفاس في لقاءاته الصحفية لمناسبة تقديم الكتاب أن عالم الكرة لم يعرف تغييرات جذرية منذ نهائيات كأس العالم التي جرت قبل أربع سنوات في اليابان وكوريا الجنوبية، فلم تحدث طيلة هذا الفترة "قطيعة أساسية" كما اعتقدت بعض الأوساط.

التغيير الوحيد الذي طغى على الواجهة الكروية منذ الموعد الأسيوي يكمن في النقاش الحاد الذي يجمع الأندية الكبيرة تحت راية مجموعة ال14 و التنظيمات الكروية من اتحاد دولي واتحاد أوروبي واتحادات الإقليمية.

ويعني هذا النقاش في نظر باسكال بونيفاس أن سلطة كرة القدم أصبحت متقاسمة بين الاتحاد الدولي و الاتحادات القارية و الأندية و غيرها من الأطراف، فهيئة سيب بلاتر لم تعد الهيئة الوحيدة التي تقرر في شؤون الكرة.

"فبصفتها مالكة كأس العالم لها حق تحديد قواعد المنافسة" يقول صاحب الكاتب، غير أن مجموعة الـ 14 و الاتحادات القارية و الإقليمية والشركات الراعية لها هي الأخرى سلطة و قوة تأثير على مجريات عالم الكرة.

ويرى مدير المعهد الفرنسي للأبحاث في العلاقات الإستراتجية أن النزاع القائم بين مجموعة الـ 14 و الاتحادات قد يغير موازين القوى التي تميز حاليا الخريطة الكروية الدولية، منذرا بخطر إضعاف المنافسات الأممية، "وإذا تم ذلك فقد تصبح اللعبة أكثر فأكثر قضية مال تحدد فيها النتائج حسب ميزانيات الأندية".