هدر الفكر

10 ردود [اخر رد]
User offline. Last seen 13 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 16/07/2006

هدر الفكر
(نصيحة : لا تقرأ المقال أفضل من أن تقرأه بسرعة )
(المقال تكملة لمقال أنفلونزا التفكير ، هناك مقال لاحق إن شاء الله كتكملة ، سيكون أقل عمومية وأكثر تحديداً)

صفتان هما اللتان تميزان عالمنا الراهن والمستقبل المنظور : التسارع وانعدام التأكد . كل شيء يتسارع سواء على مستوى التحولات السياسية والاقتصادية ، أم على مستوى التطور العلمي والتقني ، لا شيء يبقى على حاله ، لقد تم تجاوز التراكم البطيء والمستمر ، لندخل في عقد الثورات بل الطفرات في كم المعلومات ونوعها ومناحيها المختلفة ..
أما انعدام التأكد فهو السمة الثانية المميزة لعصرنا الراهن ، لقد ولى عصر اليقينيات الثابتة في السياسة والاقتصاد والاجتماع كما في العلم . كل شيء أصبح قابلا للتحول والتبدل في مفاجآت متلاحقة ..
إزاء التسارع وانعدام التأكد يبقى أمران مضمونان هما اليقين الإيماني ، والاقتدار المعرفي ...
فقط المعرفة وبناء الاقتدار المعرفي كافية للحفاظ على المكانة ولعب الدور راهناً ومستقبلاً ، فقط قوة المعرف والجدار المعرفي تشكلان بطاقة الدخول إلى ساحة التنافس المحتدم عالمياً ، والسلاح الفعال لخوض معركته ، وهي أيضاً أبعد ما تكون عن الثباتية ، فلقد أصبحت جولات متتالية متصاعدة من التطور والتحول تكاد تجعل السباق عسيراً ..
لقد ولى عصر المرجعيات ..وبالتالي عصر النقل والتلقين الذي كان المرجعيات تصبغها بصبغة يقينة إيمانية مقدسة ، كما ولى إلى غير رجعة الجواب الواحد الصحيح في عصر طوفان الأسئلة المتزايدة جرأة وتحدياً للثوابت ، بل ونقضاً لها . ومعهما ولى بالتالي عصر الاستنساخ الصمي الآلي للمعرفة القديمة ، في طبعاته المتكررة ، وكل تقصير عن اللحاق بقطار الاقتدار المعرفي وتحولاته ، وطوفان أسئلته الناسفة للثوابت ، ستكون بمثابة بطاقة ترشيح لعضوية (المستغنى عنهم) مجتمعات وأفراد .
من أجل ذلك تتجلى ملامح خطورة هدر الفكر على اختلاف ألوانه على صعيد : الثقافة والتقنية والعلوم والآداب والفنون ، هدر الفكر ببساطة هو هدر فرص بناء الكيان الإنساني ونمائه ، وهدر المكانة المستقبلية ..
التفكير هو الانتقال من التساؤل والتفسير إلى التدبير والتغيير ، وبدونهما يتحول إلى مجرد اجترار ذاتي ، أو وقوع في حالة الوسواس الفكري الذي تعاني منه المجتمعات المتعثرة التي تراكم التحليلات والتفسيرات ، بينما تقصر عن التدبير والتغيير ، ويرد في القاموس مفردة (فكير) أي كثير التفكير . وأما نحن فلقد ابتلينا (بتكفير التفكير ) بدلاً من تشجيعه وتعزيزه .
ندخل في صلب الموضوع :
التفكير من حيث رتبة التجريد مستويين :
الأول : مستوى عملي إجرائي هو الذي يشيع استخدامه في الحياة اليومية .
الثاني : مجرد (تجريدي) يستخدم في التنظير على اختلافه .
لذا وظيفيا التفكير يخدم حل المشكلات واتخاذ القرارات والخطط ، يخدم غاية كبرى هي سيطرة العقل على العالم وظواهره وبالتالي سيطرة الانسان على ذاته وواقعه وصولاً إلى صناعة المصير ..وعليه يقود هدر الفكر إلى فقدان السيطرة ، وإفلات زمام تسيير الحاضر واستشراف المستقبل و صناعته .
فالتحريم والتكفير الديني ، كما التجريم المخابـ........السياسي ، الحجر على العقول الذي يمارس في ظل العيش في التعصب تدفع بالإنسان إلى الرضوخ ، وبالتالي تعطيل العقل وما ينتجه من فكر تحليلي نقدي تساؤلي تجاوزي ، لذا يبقى التفكير على مستوى العيش وحده في الحياة اليومية ، وهنا يعطل استغلال الدماغ ولا يبقى فاعلاً منه سوى الهيبوتالاموس ( كتلة صغيرة في الدماغ وزنها خمس غرامات ) التي تضبط وظائف الأكل والنوم والجنس والانفعال . فكم من الناس ذوي الفكر المهدور تعطل طاقاتهم الدماغية ، ويحجر عليها ويدفعون للعيش على مستوى الهيبوتلاموس وحدها ؟!
فكيف لنا أن ننهض ونصبح شيئاً بين الأمم المتنافسة في مضمار الاقتدار المعرفي وطفراته المتسارعة وانعدام التأكد ، ما دام يفرض على الناس النشاط الذهني على مستوى الهيبوتالاموس وحده .
يتناسب التخلف طردياً مع هدر الفكر ، وهذه المعادلة تصدق الآن كما لم سيبق أن حدث في التاريخ ..
والتحديات الفكرية وطرح المشاكل التي تحتاج لحلول وتدقيق ، وتنشيط التفكير التحليلي والنقدي يساعد على زيادة الشبكات العصبية في الدماغ ...وعلى العكس من ذلك فإن التزمت والحجر على الفكر من خلال التحريم والتجريم وكذلك التلقين وفرض الجواب الواحد الصحيح ، تؤدي إلى تصلب الدماغ وتردي كفاءته ، ويرافق ذلك تدني القدرة على ضبط النفس عند الإقدام على أعمال وسلوكيات معينة ..أي ترقيق القشرة الدماغية تحد من الضبط العقلي مما يفتح السبيل أمام غلبة السلوك الانفعالي والاندفاعي ..

إلى مقال آخر ..دمتم في قوة فكر ومسؤولية وفاعلية وحفظكم الله من النقل والتلقين والصم الآلي ..آمين ...

User offline. Last seen 7 سنة 32 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي باتيار الغالي ..

فكر .. وفلسفة .. وعلم نفس .. إضافة إلى أسلوب جميل ..

لا شك أن الفكر الإنساني يتجدد رغمًا عن الإنسان.. لأن معالم الحياة تتجدد وتتشعب.. والتجديد في غالبه يكون نحو الأفضل وليس العكس .. كما أن هذا التجديد والتغيير لا تكون على وتيرة واحدة لدى جميع الأمم .. فمن أقفل باب العقل وصار تابعًا وامعة للغير فلا رجاء من فكره أو حاله نحو الأفضل .. ولكن الكلام لمن فتح باب العقل ومنحه حرية التأمل والتدبر في الحياة والكون .. وبالتالي التأمل في النظريات والمذاهب والمعادلات الإنسانية .. فإنه لا بد أن يغيّر ويجدد نحو الأفضل ..

فالتجديد في الفكر حاجة بشرية .. والجمود في الفكر هو آفة ومرض للبشر ..

ومن أجل ذلك .. أمر الله العباد بالتأمل في كل شيء حتى يكشف الجديد الذي تتجدد معه الحياة في الميادين المختلفة ..

وبناء على هذه السنة الكونية فقد حفلت مسيرة الفكر الإنساني كثيرًا من النماذج الإنسانية التي طوّرت من حالة الفكر لديها وأخص بالذكر الفكر الإنساني الإسلامي .. فقد كان الإمام الشافعي شيخ المجددين.. فهو الذي وضع قواعد الأصول في رسالته (الأم) .. وهو الذي عُرف بصاحب المذهبين: القديم والجديد ..

وظهرت عشرات من القواعد الأصولية التي تتلاءم مع أحوال الناس وظروفهم والتغيرات الطارئة عليهم .. كقولهم: إذا ضاق الأمر اتسع .. لا ضرر ولا ضرار .. درء المفاسد أولى من جلب المنافع .. وغير ذلك ..

وكان إقرار مبدأ المصالح المرسلة من أهم المعالم الحيوية لهذا الدين عند أصحاب الفكر المتجدد.. وهو المبدأ الذي يتلاءم مع المستجدات في الحياة في المجالات المختلفة ..

وكل ذلك من أجل التخفيف على الناس وتسهيل أمور الحياة عليهم.. لأن الأصل في التشريع التيسير والتسهيل وليس التشديد والعنت ..

ولكن للأسف خرجت عبر التاريخ حركات فكرية مضادة لهذا المنهج الرباني المتوافق مع فطرة الإنسان .. فحجّروا سعة الإسلام .. وضيّقوا على فكر الإنسان .. وجعلوه أسيرًا لظاهر النص وشكله .. بعيدًا عن الاجتهاد والتأمل والتحليل والتفسير ..

ولكن لا بد من الإشارة هناك إلى أمر مهم بالنسبة لتجديد الفكر وحريته .. وهو أن حركة الفكر كسائر الحركات الإنسانية تحتاج إلى ضابطين أساسيين:

1 - يجب ألا يتجاوز الفكر حدوده.. فلا يخالف نصًا شرعيًا ثابتًا .. إذ ليس من التجديد أو من حرية الفكر أن يناقش في الثوابت الإيمانية كوجود الله والملائكة والرسل واليوم الآخر.. وكذلك ما ورد في النصوص الثابتة والواضحة من كتاب الله وسنة نبيه الصحيحة عليه الصلاة والسلام ..

كما أنه ليس من الفكر ومن التجديد إرهاق الفكر في أمور لا طائل منها .. كالخوض في ذات الله وصفاته .. أو الخوض في معرفة الروح وكيفيته وكنهه .. لا سيما وأن النصوص الثابتة حذّر من الخوض في مثل هذه الأمور .. فقد أُهدر الفكر الإسلامي لمدة قرن من الزمن تقريبًا حين خاض في الذات الإلهية .. مع العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك وأمر بالتفكر في الخَلق وليس الخالق لأن البشر لن يقدروه قدرًا .. فكان من نتائج تلك المعارك الفكرية أن انقسم المسلمون إلى فرق ومذاهب والتي لا نزال نعاني منها ..

2 - يجب أن يكون التجديد في الفكر متلائمًا مع فطرة الإنسان وقيمه الإنسانية.. إذ ليس من التجديد المحمود أن يتطور الفكر الإنساني ليدمر الإنسان من خلال بعض النظريات المستجدة ليجعل من كرامة الإنسان حمى مستباحة كالإباحية والانفلات وغيره .. وكذلك ليس من التجديد الذي نرنو إليه أن يتحول الإنسان بفكره المتجدد إلى وحش كاسر من خلال نظريات وأفكار تبيح دماء الشعوب وحرياتها .. بل تحاول أن تصنف الشعوب وترتبتها حسب أعراقها وألوانها .. من أجل الاستيلاء عليها وإخضاعها إلى مذاهب معينة ..

أطلتُ عليكم ..

أشكرك أخي باتيار .. ربما تكون لي عودة أخرى ..

والسلام عليكم ..

صورة  taha's
User offline. Last seen 12 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 05/02/2006

عنوان الموضوع ألفت انتباهي: هدر الفكر

وجملتك الأولى ....( نصيحة : لا تقرأ المقال أفضل من أن تقرأه بسرعة )....جعلني أخفف من سرعة القراءة - انك على حق يا باتيار- فموضوعك يحتاج إلى تدبر.

من ابرز النقاط التي توقفت عندها:
- صفتان هما اللتان تميزان عالمنا الراهن والمستقبل المنظور : التسارع وانعدام التأكد
- ولى عصر المرجعيات ..وبالتالي عصر النقل والتلقين الذي كان المرجعيات تصبغها بصبغة يقينة إيمانية مقدسة ، كما ولى إلى غير رجعة الجواب الواحد الصحيح
- فالتحريم والتكفير الديني ، كما التجريم المخابـ........السياسي ، الحجر على العقول الذي يمارس في ظل العيش في التعصب تدفع بالإنسان إلى الرضوخ
- يتناسب التخلف طردياً مع هدر الفكر
- التزمت والحجر على الفكر من خلال التحريم والتجريم وكذلك التلقين وفرض الجواب الواحد الصحيح ، تؤدي إلى تصلب الدماغ وتردي كفاءته

......حدث وأنني أمضيت الصف العاشر والحادي عشر في ثانوية الشرعية بالقامشلي مع بداية القرن لاعتبارات عدة – فكان وللأسف هذه هي العقلية التي أنت بصدد الحديث عنها الطاغية بين بعض مدرسيها وإدارتها ومناهجها رغم كل تقدرينا لهم و لجهودهم ولحرصهم المستمر على مستقبل الطلاب ... أضيف بأننا لن نقدم نماذج ربانية لمجتمعاتنا إلا بإعادة تأهيل أنفسنا و جمع شتاتها– وقفات صادقة باستمرار مع الذات - تصحيح المفاهيم التي تكرس جهل وتخلف المسلمين.

كل الشكر لك على ما قدمته أخ باتيار - يا صاحب القبضة السوداء - والله وجدت في مواضيعك وكذلك تعليقاتك المتعة والفائدة أكثر من مواضيع أخرى هنا وهناك - كالمنقولة والتاريخية والتي تميزها العقلية التقليدية... بالتوفيق في دراستك و حياتك ونصرتك لدينك... وكل الشكر لأخونا الكبير سوار 07 على تعليقاته الدسمة.... والسلام

         *** @ *** @ *** @ *** @ *** @ *** 
                       الجهادي المتفائل
 
 

gul
صورة  gul's
User offline. Last seen 5 سنة 26 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 21/10/2009

إهدار العقل ؟!
مدخل مهم ، و في غاية الإلحاح أن نلج بين نسيجه ، و نحن الذين أهدرنا أجل طاقة ، لَوجه إليه الخطاب الرباني ، فقط دون غيره من الجوارح ...
أهدرناه آوان الإنفصال عن النص و بنوده ..
أهدرناه و نحن في بحث دؤوب عن بديل له !!
أهدرناه و الأمه قد حرنت ، تلقاء أفكار ، و حضاره ، و إيدلوجيات ، و قوانين وضعيه ..
و الشمس تمده و هي شامخة بخيوط النور ، و هو بمنأى عن التخبط في إحداث قمر يستمد منه الضوء ...
أهدرناه حين غدا لغير منهاج رب العزة مهرولاً ...

(نصيحة : لا تقرأ المقال أفضل من أن تقرأه بسرعة )
و حكمة فيها الكثير من مسببات إعمال العقل ، جُزيت عليه أخي الفاضل
و لانني لا أقرأ المقال مرور الكرام ، كان حري بي أن أعلم مناطه و هو تلقاء أي أمر ناظر ..
في الوقت الذي برأته عن خاصية الهوى ..
فالهوى آفة العقل ، و لهذا فالعقل السليم الذي لا يشوبه هوى يهدي صاحبه الى التفكير السوي بما يترتب عليه سعادة الإنسان في الدنيا و الآخرة ..
لذا و أنا أنطلق من ثوابت لهي لصيقة بدستور منزل ، و سنة محكمة : ( و ما ينطق عن الهوى ) و رجالات ثقات ! كانوا خير وعاء ، و أأمن رسل ..
لا أرني إلا متمهله و انا في مسير القراءة !!

يقول الإستاذ عباس محمود العقاد في دراسته : ( التفكير فريضه إسلاميه )
الموانع التي تعطل العقل كثيرة ، يستقصيها القرآن كما إستقصى خطاب العقل بجميع وظائفه و ملكاته ، و لكنها قد تتجمع في ثلاثة موانع كبرى ، بمثابة الأصول التي تتشعب منها الموانع المختلفة :
أولاً إلف المعتاد التي تسمى بالعرف ، قال تعالى : و إذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آبائنا أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً و لا يهتدون ، ( البقرة ) 170
الكلام ل : gul لا شك أن معالم جل هذه الآيه لمتطابه بشكل أو بآخر لما أورده أخانا القدير :
patyar و نحن لا بد نوافقه الى ما ذهب إليه من عدم العروج نحو أبواب الإنفتاح تلقاء آفاق أخرى ، و ما زال باب الإجتهاد مشرعاً ، ما دام القرآن مستنبط تأويل ، و لما هو محط أن يميط عنه اللثام ، و ذلك عن مُحيا تلك النصوص القابلة أن تفسر من خلال جهابذة هيأهم الله لتلك المهمة ..
على النقيض لو حجرنا على حضرة العقل، و وضعناه تحت طائلة الوصايه و هو منطوي يجتر ألم التقوقع و هو مشلول ..
........................................................ أعود لما قاله عباس محمود العقاد و ثانياً :
الإقتداء الأعمى و التقليد لمن يتبعه .
حذر اللإسلام من فساد الكهان و الأحبار ، لذا نجده أسقط الكهانه و أبطل سلطة رجال الدين ، على الضمائر و نفى عنهم القدرة على التحريم و التحليل و الإدانه و الغفران ..
ثم نبه الى سيئاتهم و خداعهم ، فقال الله عز و جل :
إتخذوا أحبارهم و رهبانهم أرباباً من دون الله و المسيح ابن مريم و ما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون ... ( التوبه ) : 31
و ثالثاً :
الخوف المهين من أصحاب الكهنوت ، و هذا بالطبع ليس في الإسلام ..
لقد أوجب الإسلام على المسلم بما أودع الله فيه من عقل أن يقاوم ما يواجه من أخطاء ، كمقاومته لسلطان العرف و سلطان التقليد الأعمى بل يأمره بعدم الخضوع في مكانه إذا كان في وسعه أن يرحل منه الى مكان بعيد من سلطانه ، و قال تعالى :
قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعه فتهاجروا فيها ... ( النساء ) : 97 ...................... إنتهى كلامه

ثلاث أمور مثبطات أدت العقل نحو الجمود الكلي ، و هو يدور في حلقة مفرغة ، يستهلك قيودها ..
و ما ذُكر آنفاً لأراه قرين المجتمع الأروبي و بالتحديد من قبل إنفصال الدين عن الدوله !! آوان نير الكنسيه ..
و كذلك أراه الآن و بنفس السويه ، و نحن قد فصلنا الدين عن الدوله ...
مع فارق كبير ، و النظر تلقاء الإنفصالين ..
فاروبه أنطلقت و هي تنفض عن كاهلها جبروت كهنه ، و نير طواغيت ..
و نحن تراجعنا وقت النأي عن قانون فرده الله لنا ، نسير في ظل تشريع سماوي حكيم ..
.............................. ما باليد حيلة ، و ليس من مسعف ..
و باب الإجتهاد المفرود لخواص الله قد أغلق بإنغلاق عقول علمائنا !!
إلا من رحم ربي ..
لا نقول حيال ذلك إلا : وا أسفاه على أمة أهدرت و ما زالت تهدر الكثير من :
( دم ) العقل ؟!
أما آن لهذا النزف أن يتخثر ؟!
و يسترجع الدم كرياته و هو يضخ لب ، و يوزع إنطلاق ...
أما آن لذوي العقول أن يستلهموا من النصوص آفاق أخرى تتماشى مع متطلبات التكنلوجيا ، و سير الحضارة ، و ثوراتها المتفجرة ، دقيقة بعد ثانيه !!
أم أننا أصبحنا : ( حرضاً ) و غدونا منقرضين أوان إنثار عهد الديناصورات ..!
ليت شعري هل ؟ أحالنا جمود العقل نحو تعبير : أكل عليه الدهر و شرب !!
أم ماذا ؟
................. و نحن الذين كُلفنا بإعمال العقل و تسخيره للبحث عن حلول و للبشرية جمعاء ...


............................ و الشكر الجزيل لأخانا صاحب هذه اللفته

patyar ، و مردود نثر هذه المداخلات لنصه عائد ...أرجو العذر و انا قد أقمت هنا كثيراً ...

صورة  Shirzad's
User offline. Last seen 12 سنة 8 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 12/08/2006

تحية حب وشهادة تقدير إلى باتيار وجميع المساهمين..

أبدأ مداخلتي بملاحظة : كثيراً ما نقدم كلاماً نظرياً لم يثبت نجاحه العملي في الواقع بل يكون كلاماً مجرداً عقيماً ..لذا أرى من الخطأ تكراره على مسامع الناس وإفراز الطاقات به كحل ..! فإما أن تتغير طريقة التفكير أو طريقة العرض....
يظن كثير من الناس أن أسمى رابطة إنسانية بين البشر هي رابطة الفكر ولكن في الحقيقة هناك رابطة أسمى وأهم ألا وهي رابطة الوجدان (الروح) ..فبنظرة واقعية يمكننا رؤية معتنقي الفكر الواحد والقاعدة الواحدة يتصارعون ويتنازعون فيما بينهم ..كما هم المسلمون الذين يدّعون على اختلاف اتجاهاتهم أن قاعدتهم الكتاب والسنة بينما هم يكفّرون بعضهم لأتفه الأسباب وربما تناحروا لذلك على حساب تركيز طاقاتهم في القضايا الواقعية الكبرى والجوهريات التي ركّز عليها القرآن وعرّفها وعلى حساب روح التعاون والتسامح والتكامل..ويستمر التناحر ورحلة الدفاع عن المذهب أو الاتجاه ويستمر العد التنازلي لقوتهم وفعاليتهم بين الملل ويتنعم المستفيدون ببركات هذا الخَبل والتشرذم..
ونتيجة لتغّيب التفكير المعرّف والتدبّر المطالب في القرآن نلاحظ في واقع المسلمين اليوم فئتين واضحتين في المجتمع ...فئة مؤمنة بالوراثة لدرجة الانفصام بين المبادئ والعمل والالتزام مقتصر على المظاهر والشعارات..
وفئة تعمل الصالحات لغايات دنيوية بحتة كتحقيق الذات وتحصيل المكاسب (المادية والمعنوية) وليس في بال الاثنتين خشية إله أو يوم حساب.....والفئتين تشكلان شائبة في نبع صفاء هذا الدين..

~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~ْ~

لنحب كل الناس.. لنحب من يتفقون معنا لنتعاون معهم ، ونحب من يختلفون معنا لنتحاور معهم

User offline. Last seen 13 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 16/07/2006

بداية : سأطالب الإدارة بإغلاق موضوعي بعد ردي ..لأني في حالة سفر الآن ..ولا استطيع أن أعطي الموضوع حقه إلا بعد العودة..كل فقرة مما سأكتبه تحتاج لنقاش وتوضيح ..سيعاد فتح الردود بعد عودتي..
شكراً ( سوار – طه – كول-شيرزاد ) ..ردودكم سرتني جداً ..وكل فقرة بحاجة لنقاش وموضوع بحاله ..لذا سأحاول التركيز قدر الإمكان وذكر نقاط محوريةمن اجل الاختصار ...الكثير من النقاط سابقة الذكر نحن متفقين عليها .. لذا لا داعي لأن نكررها كل مرة ونشرح المشروح ..
1
2
3
نبدأ :
أولاً : عندما جاء اينشتاين ..قام بثورة في علم الفيزياء ..قام برفض ما قد اعتبر ثوابت في الفيزياء ..أي بمعنى قام باختراق الأصول ..وبدون ذلك كان سيظل أسيرا لما قد اعتبرته أفهام من سبقه من علماء الفيزياء أنها ثوابت وأصول ..ولم يكن ذلك يعني أن اينشتاين لا يحترم من سبقه من العلماء والباحثين في الفيزياء ..لذا قال مقولته المشهورة : (إنه لمن الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج مختلفة وأنت تكرر الشيء نفسه) ...

ثانياً: عندما جاء الأئمة الأربعة ووضعوا اجتهاداتهم في الفقه ..لم يكونوا يتصورون أن هذه الاجتهادات ستظل تقدس (لا شعورياً ) إلى يوم يبعثون ، ووحدهم ذوو العقول النيرة من استطاع أن يتخطى هذه الافهام سواء في الجزئيات أو الكليات ، وابن تيمية خير مثال على ذلك ، حيث وضع آراءه الخاصة والتي خالفت من قبله من غيره من العلماء ( طبعاً نحن لا نقول هنا بأيهم كان صحيحا أو خاطئاً هذا ليس مبحثنا هنا ) ، ولكن ماذا حصل ؟ تعرض ابن تيمية للتكفير والتعذيب ، ووضع في السجن ومات في السجن ..واليوم من يخالف ابن تيمية يقابل بما قوبل به ابن تيمية رحمة الله وأحسن مثواه ...

ثالثاً : حرصنا على الدين ، يدفعنا على أن نضعفه من حيث لا ندري ، فنستعمل الدين ضد الدين ، مشكلتنا ربط الدين بالأشخاص ( شخصنة الدين ) ..كل الناس تعرف انه ( يعرف الرجال بالحق وليس الحق بالرجال ) ..ولكن في الإطار العملي ..يتناسى الناس ذلك ، الطامة تكمن أننا نعتبر ما تم من أفهام للدين من قبل السلف هي الأساس -ونحن راحت علينا- ، نظن أن السابقين كانوا أفضل من اللاحقين من حيث الخيرية ومن حيث المعرفة والذكاء ، والعقل والقرآن يقولون العكس أو بالأحرى لا يثبتون أن السابقين على الأقل أفضل من اللاحقين في الخيرية والمعرفة ، الإسلام هو نفسه من البعثة المحمدية الطاهرة إلى اليوم ..الله هو نفسه ولم يتغير (حاشا لعظمة جلاله ) ..والباب مفتوح أمام الناس وفي ذلك فليتنافس المتنافسون ..ختمت النبوة ..لأن البشرية وصلت لمرحلة الرشد .. ومنذ بداية اكتشاف كيفية قياس الذكاء قبل 100 سنة والذكاء البشري يظهر تسارعاً كبيرا ً في الزيادة ...والتطور العملي خير مثال على ذلك ..

رابعاً: تعاملنا في تناول الأمور ، أقرب إلى النقل والسرد التلقيني والأفكار الآلية التي ورثناها ولم نمررها على الفلاتر والتحليل ، وكل فكرة جديدة تلقى من الطرد والحرب ، لأن الناس عدوة ما تجهل ، لنأخذ المثال التالي : لو قلت لأحدهم انه يوجد حديث في صحيح البخاري يقول انه كذب إبراهيم عليه السلام ثلاث كذبات ، وعندما تشكك وترفضك هذا الحديث ، يكون الجواب شو يعني البخاري عم يكذب؟؟!! ، سبحان الله !! يعني بنرضى أنو النبي إبراهيم يكذب ولا نرضى أن يكذب البخاري !! طبعاً لا نقول أن الاثنين يكذبان ...

خامساً: ولكي اثبت أن الناس عملياً تقدس الأشخاص وليس الدين والرسالة وأنها ترفض الاجتهاد الحقيقي ، هي عبارة ( بفهم سلف الأمة) حيث التفكير التلقيني هو كالتالي : (لا بد من منع تعددية الأفهام التي تؤدي إلى الاختلاف، فكان لا بدّ من هذه الإضافة، لتقييد طريقة الفهم وحصرها بطريقة واحدة) وهذه هي طريقة الجواب الواحد الصحيح التي ذكرتها في المقال...
لكن، من هم السلف تحديدا؟ أهم جماعة معروفة العدد؟ هل هم الصحابة جميعًا؟ هل هم التابعون جميعًا؟ هل هو واصل بن عطاء وعمرو بن عبيد وهشام بن الحكم؟ هل هم أهل الحديث؟ هل هم مدرسة أبي حنيفة؟
إن هؤلاء جميعًا سلف، ولكنهم مختلفون جدًّا.. المعتزلة ومن سُمّوا بالمبتدعة هم أيضاً من السلف ....

والذين يُطلق عليهم معتزلة الآن هم كل من يستعمل عقله لفهم آية، فالذي يفسر السحر على أنه تخييل وخداع فهو معتزلي، والذي ينفي النسخ في القرآن معتزلي، والذي ينفي رجم الزاني المحصن بحجة أنه ينافي القرآن معتزلي.. وهكذا كل من يرفض التقليد، ولو في مسألة، فهو معتزلي.. وهؤلاء المعتزلة قتلُهم ممجّد!.

لو راجعتَ كتب التفسير لتبينت أن السلف مختلفون في كثير من الأمور، لكن المسألة التي لا يريد لها بعض المسلمون أن تحتمل معنى آخر يزعمون أن السلف فسروها بالمعنى الذي يريدون. فاصطلاح "بفهم سلف الأمة" لا أراه أكثر من أداة قمع واضطهاد وكبت.
المهم أن يعرف المسلمون اليوم أن أبا حنيفة ليس من سلف الأمة عند السلفيين، وأن أبا الحسن الأشعري مبتدع ضالّ. وحتى يتأكد الناس اليوم صحة ذلك ، فليس عليهم سوى مراجعة الخلافات بين ابن تيمية ومعاصريه الذين حكموا بسجنه مدى الحياة بسبب مخالفته أقوال السابقين من سلف الأمة على حدّ زعمهم! أي أن سيفَ مخالفة السلفي سلّط على ابن تيمية قبل أن يسلطه السلفيون على غيرهم....

ونورد هنا مقولة آينشتاين الشهيرة للمرة الثانية :
“إنه لمن الحماقة أن تعتقد أنك ستحصل على نتائج مختلفة وأنت تكرر الشيء نفسه¨.

فمن هنا نرى أن أطروحات التجديد لا معنى لها ولا تؤتي ثمارها، وإنما هي تكرار للذات وللسلف وهي مجموعة من الخطابات والكلمات الرنانة بدون أي معانٍ أو أفكار مفيدة. فأي تجديد لا يسمى تجديداً إلا إذا اخترق الأصول ( مثل أصول الفقه )..

سادساً : بما أن التنزيل الحكيم هو كلام الله ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللّهِ)التوبة 6، فوجب بالضرورة أن يكون مكتفياً ذاتياً، وهو كالوجود لا يحتاج إلى أي شيء من خارجه لفهمه، هذا لإيماننا واعتقادنا بأن خالق الكون بكلماته هو نفسه موحي التنزيل الحكيم بكلامه، وهو الله سبحانه وتعالى. لذا فإن مفاتيح فهم التنزيل الحكيم هي بالضرورة داخله، فلنبحث عنها داخل التنزيل الحكيم وبدون صحاح و مسانيد ...إلخ وبدون قول صحابي أو تابعي، ويمكن سماع كل الأقوال والاستئناس بها وليس كحجة وبرهان يسلط على المسلمين لأن كل شخص مهما عمل لا يستطيع أن يتعامل مع القران خارج أدواته المعرفية فمن عاش في القران الرابع الهجري مثلاً سيفهم القران حسب الأدوات المعرفية الخاصة بذلك الوقت ( من علوم وجغرافية وصحراء و ابل و اقتصاد واجتماع وحرب ....الخ ). يعني لا يستطيع أن يقفز خارج جدار المكان والزمان والمعرفة ليقرر سلفاً ما هو المناسب للآخرين ..

لا شك أن علماء المسلمين تعبوا ولاقوا الأمرين في حياتهم من أجل دين الله ..لذا فتقديس كلامهم (بشكل غير مباشر) هو إساءة لهم قبل الكل ..ناهيك انه إساءة لدين الله الذي جاء في الأصل لكسر الأصنام والآبائية والتقليد...
عندما يتحدث لنا القرآن عن الرهبان وتقديسهم في الأقوام والملل الأخرى فإنه يريد منا اخذ العبرة وليس التلذذ بإظهار أخطاء غيرنا من الملل ..وكأن الله يقول لنا انتبهوا ولا تقعوا في نفس الحفرة ..عندما جاء المسيح عليه السلام أول من حاربه هم كهنوت اليهود أصحاب العمامات واللحى الكبيرة وقالوا ( أنكلم من كان في المهد صبيا )...بحجة حماية الدين ..

لذا علينا أن نتعامل مع القرآن العظيم مباشرة بدون خوف منه ولا خوف عليه، فالله لا ينهزم.. .( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ) [الإسراء : 106]...

أنا لا أدعي الحقيقة والرأي الصح في كلامي هذا ..ولكني على الأقل أحاول أن أساعد نفسي أولا والناس ثانيا في أن نفهم دين الله بحرية وبتفكير صاحي وصافي وغير مهدور وعليل وبعيداً عن الأغلال والقيود وبأدواتنا المعرفية وبحسب مكاننا وزماننا وهمومنا ...

دمتم في سلام وراحة بال وروح ..

User offline. Last seen 7 سنة 32 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي باتيار العزيز ..

أظنني كنتُ أول من أثنى على طرحك في البداية .. لأنه كان جميلاً بخطوط عريضة عامة.. وأنا أتفق معك على هذه الخطوط .. ولكني لن أوافقك على ما أخفيته من تحت هذه الخطوط من أفكار وآراء ..

وما أخطه الآن ليس من باب الخوض في الجدال والنقاش واستعراض العضلات.. بل أنصح نفسي قبلك أن نكون أكثر منطقًا وموضوعية ومنهجية في التعامل مع هذا الدين العظيم الذي يستند إلى ركنين أساسيين هما: القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة .. وأننا لا زلنا صغارًا أمام غيرنا من أهل العلم والدراية الذين بذلوا جهودًا كبيرة لصيانة هذا الدين وحمايته من الزيغ والانحراف .. وبهذا المفهوم البسيط أقول لك:

أولاً: لا أدري يا باتيار العزيز .. هل تريد أن نتعامل مع القرآن الكريم والسنة النبوية كتعامل أنشتاين مع الفيزياء.. بمعنى لو أن أحد الناس أو أحد (المتفلسفين) جاء اليوم وعدّل في بعض مفاهيم القرآن وفسّر وأوّل على مزاحه ووفق عقله القاصر أنعتبر ذلك خطوة نحو الأمام.. فلو قال أحدهم: أن الوضوء كان ضروريًا في ذلك الوقت.. لأنه لم تكن ثمة عوامل النظافة والطهارة ومواد التنظيف من الشامبو والصابون.. لذا لسنا بحاجة إلى الوضوء الآن.. لأن الوضوء ينظف المؤمن ويطهره من الأوساخ.. (وفق نظريتك على أنشتاين) يجب أن نرضى بكلامه لأن عقله المتطور والمتغير كشف له هذا السرّ العظيم ..
بأي منطق تقارن بين النصوص الشرعية الثابتة بنظريات فيزيائية أو كيميائية قد تكون اليوم حقيقة علمية وغدًا نظرية مكذوبة..

* * *

ثانيًا: أما بالنسبة لشخصنة الدين فهذا شأن الجهّال من المسلمين وغيرهم.. وفي كل مذاهب الأرض هناك من يقدسون الأشخاص ..
ولكن عندنا في الإسلام وفي التاريخ الإسلامي نعتقد بقين أنه لا عصمة لبشر على وجه الأرض غير الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام .. فلسنا مثل أصحاب الأهواء والخرافات من يعصمون الأئمة ورجال الدين عندهم ويدفعون إليهم الأخماس ويقدمون بين أيديهم الحرائر من النساء..
وإنما نقدّر الأشخاص لعظم أعمالهم وسيَرِهم العظيمة في التاريخ.. أمثال أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي عبيدة وخالد بن الوليد ومعظم الصحابة رضوان الله عليهم.. لأن تأسيس هذا الدين قام على أيدي هؤلاء العظماء.. وهؤلاء العظماء هم الذين حافظوا على هذا الدين ونقّلوه إلينا .. والأمر لا يتعلق بتقديس أحد منهم .. لذا فإن الأمة مجمعة على خيرية هؤلاء وخيرية زمانهم على سائر الناس وسائر الأزمان.. (أكرر أنه لا عصمة لهم لأنهم يخطئون ويصيبون)..

* * *

ثالثًا: أما تعامل أهل العلم مع النقل .. فأقول:
إن ثوابت الدين بالأصل مبنية على أساس النقل.. فنحن نؤمن بالوحي المنقول إلى النبي صلى الله عليه وسلم دون أن نفكر بطبيعة الوحي وحقيقة جبريل.. فلم نرى كيفية الوحي ولم نر جبريل عليه السلام.. لأننا مؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم ورسالته وصدقناه فيما يقول.. وهو ما قاله أبو بكر رضي الله عنه حين جاء المشركون ليخبروه عن أن صاحبه محمدًا يدعي أنه أسري به إلى البيت المقدس فقال رضي الله عنه: إني لأصدقه بأكبر من ذلك .. يأتيه الوحي من فوق سبع سنوات.. كما أننا نؤمن بالقرآن كله لأنه نقل إلينا عبر الصحابة بهذا الشكل الذي هو عليه.. ولا نناقشه بعقولنا .. لأننا مؤمنون بأن الله تكفل بحفظه وحمايته .. وإن التاريخ كله السنة النبوية والتاريخ كله منقول إلينا عبر الروايات والأخبار التي جمعها المحدثون والمؤرخون حسب مناهج معينة.. ونحن نصدق كثيرًا منها بناء على هذا النقل وليس بالعقل ..

فلا يمكن أن ننكر النقل بالكلية ونضع كل شيء في ميزان العقل ..
أما دور العقل فيأتي ليميز الخبيث من الطيب .. وهو الدور الذي لعبه أهل العلم في التعامل مع النصوص الشرعية والذي يسمّى بالاجتهاد .. والاجتهاد هو دعوة للعقل أن يتأمل في النصوص ويحللها ويربط بينها وفق ضوابط معينة .. وحسب المواد العلمية التي يملكها المجتهد والملكة اللغوية والفقهية التي يستطيع من خلالها أن يستنبط الأحكام من النصوص ..

وخلاصة هذه النقطة أنه لا يمكن أن ننكر النقل أو العقل على حساب الطرف الآخر.. فالنقل والعقل مرتبطان ببعضهما ارتباطًا وثيقًا في التشريع الإسلامي.

* * *

رابعًا: أما الفلاتر العقلية والفكرية التي يجب أن نمرر عليها بعض الأحاديث أو الأحداث فإنها موجودة وليس بالشكل الذي تتصوره، وإنما يجب أن تكون هذه الفلاتر من أهل التخصص.. وهم أهل العلم والدراية من المحدثين أو الأصوليين أو الفقهاء المعتبرين .. ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نترك كتاب الصحاح ميدانًا لذوي الأهواء والقصّر والجهلاء أن يأتوا ويأخذوا بهذا الحديث ويرفضوا الآخر وفق هذه العقول.. بل لا بد من مجامع علمية متخصصة أن تقوم بمثل هذه الفلترات .. وقد قرأت لبعض أهل العلم والمتخصصون في الحديث كيفية استعمالهم لهذه الفلاتر .. وقد ضعّفوا بعض الأحاديث المشهورة بالصحة.. وبعضها عند البخاري ومسلم ..

* * *

خامسًا: أما الحديث عن الفرق الإسلامية فلا أحبذ الخوض فيها.. لأنها أثر سيء لفترة سيئة مرّ بها التاريخ الإسلامي الذي ضيّع من عمره ما يقارب المئة عام في أمور منهي الحديث عنها من الرسول صلى الله عليه وسلم.. وكان آثارها سيئة وفادحة على الأمة المسلمة.. حين تحوّلت إلى فرق وأحزاب.. فلا داعي أن نخوض فيما خاضوا ونبدأ باتهام بعضنا البعض بكذا أو كذا ..

* * *

سادسًا: والنقطة الأخيرة التي أثارت حفيظتي وقلّبت الأمور رأسًا على عقب ما ذكرته يا باتيار في النهاية بقولك:
[لذا فإن مفاتيح فهم التنزيل الحكيم هي بالضرورة داخله، فلنبحث عنها داخل التنزيل الحكيم وبدون صحاح و مسانيد]

وهي دعوة صريحة وواضحة مثل الشمس إلى التمسك بالقرآن وحده وترك السنة النبوية الصحيحة.. وهل تعلم يا باتيار معنى هذا الكلام وما يترتب عليه من أحكام وآثار..

1 – هناك آيات قرآنية كثيرة تأمر باتباع كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكني سأذكر لك واحدة فقط حتى لا نطيل.. قوله تعالى: (ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا).. ولن أسرد عليك نصوص السنة لأنك لا تؤمن بها..

2 – إذا تركنا الصحاح والمسانيد يا باتيار .. وتركنا تفسير النصوص لعقولنا .. كيف نعرف كيفية الصلاة وأدائها وأوقاتها وعدد ركعاتها والتي لم يأت تفصيلها في القرآن وإنما عن طريق السنة الصحيحة .. هل يكفي أن يقوم كلّ واحد منّا بحركات بهلوانية وفي الوقت الذي يشاء ليصبح بعد ذلك صلاة .. وكذلك الحال بالنسبة للزكاة وأنواعها وكيفيتها وأوقاتها .. والحج ومناسكه.. والصيام.. وغيره وغيره من الأحكام والتشريعات التي جاءت السنة الصحيحة لبيانها وتفصيلها للناس..

3 – لم يقل أحد بمثل هذا الكلام يا باتيار حتى بعض العلماء الذين اعترضوا على بعض الأحاديث الواردة في البخاري ومسلم وغيرها.. إنما اقتصر اعتراضهم على أحاديث معينة وليس السنة بكاملها.. بل إنهم شددوا وحرصوا على كون السنة الصحيحة هو المصدر الثاني للتشريع بعد كتاب الله تعالى.. ومن بين هؤلاء الشيخ أبو الأعلى المودودي الذي يقول:
"ثم لو كان هؤلاء – أي منكرو السنة – من أهل الحق والإنصاف، لرأوا أن المحدثين الكرام قاموا في جمع أخبار عهد النبوة وعصر الصحابة بجهد لم يقم به قوم لتدوين أحوال أي عصر من العصور، في تأريخ العالم. واختاروا طرقًا لنقد الأحاديث وتنقيحها ما لم يعهد به العقل الإنساني لحدّ اليوم، أحسن منها لتحقيق تأريخ أي دور من الأدوار الخالية، واستخدمت جماعة المحدثين أقصى ما يمكن للإنسان من وسائل معتبرة في مجال التحقيق، وشددت في تطبيقها تشديدًا لا يوجد له نظير في أي حقبة من التاريخ....
وفي الحقيقة هذا هو الأمر الذي لأجله نتيقن أن هذه الخدمة الجليلة لم تتم إلا بتوفيق من الله عز وجل. والذي ضمن حفظ كتابه على أعجب طريق، هو الذي ضمن حفظ أسوة نبيّه، وآثار هدايته ضمانًا منقطع النظير" [التفهيمات 1/354-355]

وللشيخ الدكتور محمد سعيد حوى المتخصص في علم الحديث كلام منهجي قوي في التعامل مع السنة النبوية وبعض الأحاديث التي أبعدها عن الصحة من البخاري ومسلم.. حيث يقول:

"من بدهيات العلم واولوياته تقرير مبدأ حجية سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, أي انها سنة ملزمة حجة في ذاتها واجبة الاتباع"

كما أنه يؤكد على أمرين مهمين أثناء التعامل مع الأحاديث التي فيها نظر في البخاري ومسلم وهما:
1- ضرورة أن لا يتكلم في أمر السنة إلا ذو اختصاص علمي دقيق جمع الى علم الشريعة وقواعدها ونقهها علم النقد الحديثي.
2- أن يكون متجرداً عن الهوى متقياً لله ناصحاً لله ولرسوله ولأئمة المسلمين.

وغير هؤلاء مثل الشيخ محمد الغزالي ومحمد رشيد رضا .. رحمهم الله.. كلهم يقرّون حجية السنة الصحيحة وأنها المصدر الثاني بعد القرآن .. رغم اعتراضهم على بعض الأحاديث الصحيحة والتي يعتبرونها امتدادًا لجهود البخاري ومسلم في التنقيح والتصفية .. لأن البخاري ومسلم رحمهما الله نهجا الفلترة من خلال عشرات الآلاف من الأحاديث ليبقى عند البخاري (2600) حديثًا.. وعند مسلم (3033) حديثًا.. والمتفق بينهما (1906) كما قال الشيخ محمد حوى..

وأخيرًا .. آمل من أخي باتيار أن يقوم بمراجعة فكرية جديدة ودقيقة.. ويطلّع إلى آراء أهل العلم بصورة أكبر وأشمل في مثل هذه الموضوعات .. وأن يتورع في الكلام بهذه الصورة وهذه الجرأة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة..

والسلام عليكم ..

User offline. Last seen 13 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 16/07/2006

أولاً ..أنا الآن اكتب مضطراً .. لإني كما قلت من البداية ..لا بد من اغلاق الموضوع ...حتى اتمكن من اعطاءه حقه ..وليس حذفه وإرجاعه ...

ثانياً .. لن ادخل في صلب الموضوع ..لإني وللسبب الأول لم اتفرغ بعد ..

ثالثاُ.. أن يلعب علي وأوضع في خانة .. والاخرون هم من يدافعون عن النبي وأنا أنكر سنته ( بغض النظر عن مفهوم السنة بين ما هو مذكور في القرآن وما هو شائع )..فهذا غير مقبول ..

رابعاً.. لدي أجوبة مفصلة عن كل نقطة ذكرتها يا أخ سوار ..ولكني لن أكمل الحوار لسبب بسيط فقط هو : كلامك في النهاية (وأخيرًا .. آمل من أخي باتيار أن يقوم بمراجعة فكرية جديدة ودقيقة.. ويطلّع إلى آراء أهل العلم بصورة أكبر وأشمل في مثل هذه الموضوعات .. وأن يتورع في الكلام بهذه الصورة وهذه الجرأة على سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة.. )

حيث وضعتني في خانة توحي للقارىء بأني اهين الرسول وأتجرأ عليه ولا يوجد ذلك قيد أنملة في ردي ..
ووضعت نفسك في خانة المدافع عن الرسول .. واعتبرت ما ذكرته انت الحق المطلق ولا يمكن أن يكون كلام بشر فيه أخذ ورد وارجع كلامك لتتأكد ...

المشكلة الأساسية في منهجية الناس في تناول الأمور .. والخلاف هنا منهجي ..وليس خلاف اشخاص .. أرجو من أعضاء المنتدى أن لا يفهموا هذا الاختلاف المنهجي بيننا على أنه خلاف مشخصن ..فسوار بمثابة أخي الكبير ..

يرجى إغلاق الموضوع لو سمحتم ..

وفي الختام سلام ..

User offline. Last seen 7 سنة 32 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 19/07/2007

تحياتي باتيار العزيز ..

أنت أخ عزيز وغالي .. وأنا هنا لست بصدد التجريح أو أن أضعك في خانة العداء للسنة من غير دليل .. ولكن كلامك صريح وواضح حول السنة الصحيحة وقد استشهدت لك بجزء منه ..

وحتى لا نتحاور على غير بيّنة أو في ضبابية يا باتيار .. آمل منك أن تبيّن بوضوح وجلاء مفهوم السنة الصحيحة عندك .. وموقفك منها؟؟ بغض النظر عن بعض الأحاديث الواردة في البخاري ومسلم .. والتي تكلم فيها أهل التخصص .. وأنا مطلع عليها .. ومقتنع بكثير من آراء هؤلاء أمثال المودودي والغزالي رحمهما الله وكذلك الشيخ محمد سعيد حوى .. وغيرهم .. فلا نختلف كثيرًا في هذا ..

ولكن النقطة التي تهمني كما تهم غيري .. مفهومك للسنة الصحيحة وموقفك منها؟ بدون الإسهاب في التعبيرات العامة كتحرير العقل ودور العقل .. ومكانة العقل .. وهي مرادفات يرددها كل الناس .. ويستعملها كل واحد منهم حسب التصورات الفكرية المكتنفة بداخله ..

وأنتظر منك الردّ من الآن إلى أن يشاء الله .. وإلى أن ترجع بسلامة من أسفارك ..

أما بالنسبة لإغلاق الموضوع وفتحه .. فهذا الأمر لا يعنيني لوحدي .. فهناك اللجنة الإدارية هي التي قررت إعادة فتح الموضوع بالأغلبية وقد قام أحد الأعضاء بإرجاعه .. وحين وجدته مفتوحًا كتبتُ الردّ ..

وتقبل من أخيك أطيب التحايا ..

والسلام عليكم ..

User offline. Last seen 13 سنة 31 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 16/07/2006

طيب ..
في أقرب فرصة .. مع أنه لا توجد فرص قريبة ..
سأحاول أن أتناول موضوع .. السنة النبوية .. والسنة الرسولية .. والحديث النبوي .. حتى لا يحدث الخلط بينها كلها تحت أسم السنة النبوية ...

مع العلم أن القرآن لا يستعمل اسم السنة كما هو دارج اليوم ( يطلق على كل ما هب ودب ) ..

صورة  taha's
User offline. Last seen 12 سنة 6 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 05/02/2006

كلامك صحيح باتيار..

فالناس عامةً يخلطون بين الامور .. فيقبلون كل ما يقال باسم ( السنة) .. فكل قصة عن الصحابة او الرسول او ما يقال على لسان الرسول او الصحابة يأخذونها كأمور بديهية ولا غبار عليه دون التأكد من مصداقية الحديث ...

حتى مصطلح ( السنة ) بات فضفاضاً ...لذا يجب الخوض في ماهيته و تصحيح فهمنا له وان لا نكون كالعامة او الدراويش الذين يقبلون الاشياء كثوابت دون صدق واخلاص في البحث .. ننتظر منك و أخونا سوار 2007 كل جديد في هذا المضمار التي برأي يدخل تحت بند تصحيح او توضيح المفاهيم

         *** @ *** @ *** @ *** @ *** @ *** 
                       الجهادي المتفائل