من دمشق الى الاحساء (الحلقة الثانية)

لا يوجد ردود
User offline. Last seen 13 سنة 38 اسبوع ago. Offline
مشترك منذ تاريخ: 10/08/2007

من دمشق إلى الاحساء
الحلقة الثانية (حوارات داخلية)

المكان : مركز الجوازات على الحدود السورية
الزمان : بعد حوالي ثلاث ساعات من الانطلاق
الهدف: وضع تأشيرة الخروج

صاح بنا السائق ونحن شرذمة من المسافرين : الآن كل واحد جوازه بيده ولينتظر في الصف وإذا سألكم العسكري إياكم أن تقولوا له أنكم أتيتم في باص بل ليقل كل واحد أن معه سيارته الخاصة أما إذا سال أين أوراق سيارتك فقل هي مع صديقي ...إذا بقي مصرا أعلموني وسوف أتصرف ....

الحوار الأول وأنا واقف في الصف :

يبدو أن هذين العسكريين يرتشيان ليمررا جوازات الناس لماذا لا أعطيهم مائتا ليرة لكي يمرروا جوازي فقد سمعت من مسافر قبلي أن جوازي لن يمرر إن لم ادفع ..إذا فهذه إتاوة ..وضعت 200 ليرة داخل جوازي وأنا أحدق في عيون العسكريين التي كانت تدور لتقنص النظرات الجائعة والغفلات الخاطفة فتجمع بين الاثنين لتدس بعض المال في الجيب ....
ولكن حتى لو كانت إتاوة يجب أن أتخلى عن حقي لكي لا أشجع الرشوة ..وها أنا أرى الصف يمشي إذا هي رشوة وليست إتاوة لابد أن اصبر .. أخرجت المأتي ليرة ورددتها في جيبي ...
ولكن الناس يمررون قبلنا والصف يمشي كالسلحفاة ..لابد أن أصدقائي قد مرروا جوازاتهم ولم يبق سواي ..قد يفوتني الباص ..لماذا لا ادفع وأنا منزعج من هذا الفعل فتغيير المنكر بالقلب اضعف الإيمان ...

حتى ولو مشي الباص فالله سيسر لي أمري ويجب أن اصبر واكرم نفسي عن هذه الدنية وان ساقتني إليها الرغائب فاني لن اعتاض لما سأبذل من نفسي عوضا ...
وبينا أنا في خضم معركتي مع نفسي وصلت للنافذة وسلمت جوازي للضابط الذي وضع عليه تأشيرة الخروج وعدت مسرعا إلى الباص لاجد نفسي من أوائل الواصلين ...
الحمد لله الذي عصمني من الزلل اللهم اغننا بحلالك عن حرامك ...وتحرك الباص

الحوار الثاني :
المكان : مركز جوازات الأردن
الهدف : وضع تأشيرة الدخول

أعاد علينا السائق نفس التعليمات ...هذه المرة لم تكن هناك زحمة ومع تجربتي الناجحة السابقة لم أفكر كثيرا في موضوع الرشوة ولكن داهمني حوار آخر
ماذا لو سألني الشرطي هل انت مع الباص أم لوحدك ...سأقول له أنا لوحدي ومن الأفضل أن أقول له أنى طبيب ليصدقني اكثر ..ماذا لو سألني أين أوراق السيارة ...سأقول له لقد نسيتها في السيارة ..ماذا لو قال ات بها ..وقتها استنجد بالسائق ..

لا... لن اكذب ..سأقول له هل تريدني أن اكذب عليك ..أنا مع الباص ومعظم الذين مررتهم كانوا مع الباص ...ماذا لو قال لي ارجع ..سأقول له انتم لا تشجعون الصادقين ..فلو كذبت عليك لكنت مررتني ...انتظر لحظة بدأت أتاجر بالمبادئ واطلب ما ليس لي بحق
إذا ما العمل ..الأهون أن اكذب ...وبينما أنا كذلك سال الشرطي الشخص الذي أمامي هل انت لوحدك : قال نعم ...وأين أوراق سيارتك ...نسيتها مع رفيقي في السيارة ..نظر إليه الشرطي نظرة المستخف غير المصدق ..ثم ختم له الجواز ...

ارايت يجب أن تكذب .. لا يجب أن تقول الحقيقة ...يا رب عافيتك أوسع ..مرقني الشرطي بنظرات وكأنه قرا أفكاري ..ختم جوازي بهدوء و أهداه الي ...

الحمد لله ...الهم اغننا بحلالك عن حرامك

و تحرك الباص مرة أخرى

الحوار الأخير :
المكان : نقطة تفتيش السعودية ونحن جالسون وحقائبنا في الخارج للتفتيش وقد هجرنا الباص إلى جهاز كبير ابتلعه ليكشف ممنوعات دست في أحشائه

وبينا نحن جالسون نتمشى هنا وهناك حتى تذوب صخرة الوقت عن صدورنا فيتحرك الباص مرة أخرى ...اكتشفت أن في المكان مأخذ كهرباء ..لماذا لا اشحن هاتفي المحمول لكي اكلم زوجتي عند أول استراحة ...وإذ هممت أن أضع المحول في مأخذ الكهرباء كانت فتاة توشك أن تضع خاصتها في نفس المأخذ

أنا مضطر على الهاتف لاني احتاجه ..وهي فتاة لا بد أن معها عائلة ومنهم يملك هاتفا
ثم إن المكان مكان رجال وهي التي جاءت إلى حدودنا وما ذنبي إذا كانت مآخذ النساء كلها مشغولة ..بالإضافة أن باصنا قد يمشي في أي لحظة

ولكنها فتاة ضعيفة ومن الذوق أن تتركها تشحن هاتفها وأنت رجل (بتدبر راسك)

وبينا أنا أحاور نفسي انتبهت الفتاة فولت مدبرة ولم تعقب ..خجلت من نفسي وأنا ادس المحول في المأخذ
اللهم اغفر ضعفي وارحمني يا ارحم الراحمين
يتبع
خورشيد الاحساء من غرفتي في مشفى الحرس في آخر مناوبة لي هنا
26\10\2008